العودة الى جميع البيانات الصحفية

ولي العهد يرعى حفل إعلان خلو الأردن من حقول الألغام

24 نيسان 2012
ولي العهد يرعى حفل إعلان خلو الأردن من حقول الألغام


البحر الميت - مندوبا عن جلالة الملك عبدالله الثاني، رعى ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني أمس حفل إعلان تطهير جميع حقول الألغام المعروفة في الأردن كأول دولة شرق أوسطية تكمل مهمتها في هذا المجال.وأزال الأردن أكثر من 300 ألف لغم مضاد للأفراد والدروع، في مهمة استخدم فيها الكوادر البشرية وبالاستعانة بالمعدات المتطورة والكلاب المدربة على امتداد مناطق غور الأردن ووادي عربة والمناطق الشمالية (الحاجز الأمني).وخلفت الألغام، التي زرعت على مدى 50 عاما في 500 حقل ضمن المناطق الحدودية الغربية والشمالية، العديد من الضحايا والمصابين منهم 900 شخص على قيد الحياة يتلقون الرعاية ضمن برنامج الهيئة الوطنية لإزالة الألغام وعادة التأهيل.

ووزع ولي العهد خلال الحفل، الذي حضره عدد من اصحاب السمو الأمراء وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، الدروع التقديرية على الجهات المانحة والشركاء الذين عملوا الى جانب الهيئة الوطنية لإزالة الألغام في مهمتها الانسانية.

وقال سمو الامير مرعد بن رعد رئيس الهيئة الوطنية لإزالة الألغام وإعادة التأهيل، خلال الحفل الذي حضره ولي العهد النرويجي الأمير هاكون ماغنوس، انه مع اكتمال عمليات إزالة حقول الألغام بنجاح، فإن الاردن ينهي التزاماته القانونية الدولية كعضو في اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد التي وقعها العام 1998.واعلن سموه "ان الأردن وبدعم من الجمعية النرويجية للمساعدات الشعبية يقوم بتنفيذ مشروع البحث والتفتيش على حدودنا الشمالية في المناطق التي تم تطهيرها وبالقرب منها للتأكد من تطبيق متطلبات الاتفاقية المحددة".وقال، في الحفل الذي حضره عدد من مصابي الألغام، "في حال تم اكتشاف مناطق مزروعة بالألغام بعد هذا التاريخ، فإن الاردن وكدولة عضو سيعمل ما يجب القيام به بالتبليغ عن مثل هذه المناطق والإعلان عنها ايضا من خلال وسائل اخرى غير رسمية والتأكيد على إخلاء المدنيين في المناطق المشبوهة بتدمير كافة الألغام المضادة للأفراد والتأكد من ذلك كأولوية قصوى".واشار سموه الى دور الملك ودعمه المستمر للجهود الهادفة الى تخليص الأردن من الألغام، وقال ان دعم جلالته وتصميمه بأن يرى الأردن خاليا من الألغام كان له الدور الأساس في حفز الهيئة على إنجاز مهمتها.كما أكد تقديره للجهود التي بذلت طيلة أعوام البحث والتحري عن الألغام، واستمرار الهيئة في تقديم دعمها ورعايتها للمصابين جراء الالغام، قائلاً إننا نجدد وعدنا لكم بأننا سنبذل المزيد من الجهد لمراعاة احتياجاتكم في المستقبل.وعبر عن تقديره لدور المؤسسات الداعمة خصوصا الجمعية النرويجية للمساعدات الشعبية التي عملت على تطهير الأردن من حقول الالغام في الجنوب وشريط الألغام المعقد على امتداد حدودنا الشمالية، ولجهود سلاح الهندسة الملكي في إطلاق جهود الإزالة.
من ناحيته، عبر ولي العهد النرويجي هاكون ماغنوس الذي كان لبلاده دور في دعم جهود الهيئة الوطنية لإزالة الألغام عن سعادته للمشاركة في حفل إعلان الاردن خاليا من حقول الالغام، وأوفى بهذا الإنجاز التزاماته ووفائه تجاه الاتفاقية الدولية بهذا الخصوص.وقال إن الاردن اليوم بشجاعة ومسؤولية وإصرار على تحقيق الحلم بجعله بلدا خاليا من الألغام في منطقة ما تزال تشكل الألغام فيها تحديا كبيرا على حياة الناس وتهدد التنمية الاجتماعية والاقتصادية لهم.واشار الى التعاون البناء بين الهيئة الوطنية لإزالة الألغام والتأهيل والجمعية النرويجية للمساعدات الشعبية والتي تمخضت عن تحقيق هذا الإنجاز الذي يستهدف حماية حياة المواطنين.

وقالت مساعد الأمين العام للأمم المتحدة المدير الإقليمي لمكتب الدول العربية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أمة العليم علي السوسة ان هذا الحدث هو مثال جيد للعمل المشترك بين مجتمع المانحين في الأمم المتحدة والشركاء الوطنيين في مواجهات التبعات المدمرة للحروب والمحافظة على الأرواح وتمهيد الطريق امام التنمية البشرية.وقالت إن الالغام تحصد كل 20 دقيقة حياة شخص في العالم، مؤكدة ان الاردن بهذا الإنجاز يسطر على صفحات التاريخ هذه اللحظات التي تدل على تمكن القيادة والحكومة من اجل ايجاد حل شامل ودائم للتحديات الناجمة عن الألغام الارضية.واشارت الى أن الأردن هو البلد الأول في الشرق الأوسط الذي أعلن خلوه من الألغام هذا العام وفقا للموعد الذي حددته اتفاقية أتوا الأممية لحظر الألغام.وقالت "نحن هنا اليوم في هدف مشترك وواحد وهو تخليص العالم من هذه الأسلحة المدمرة التي لا تكاد تميز وهي تفرض بتبعاتها تكلفة شخصية واجتماعية باهظة على الضحايا وأسرهم".واشارت الى ما يترتب على الألغام ونتائجها السلبية من عواقب سيئة على المستوى الوطني مثل إزهاق الأرواح وإحداث التشوهات الجسيمة والصدمات النفسية، كما تحد من حرية الحركة والتنقل والوصول الى الخدمات الأساسية اضافة الى إعاقة التنمية والتعافي من الكوارث والأزمات.وقالت "يحق للأردن اليوم ان يفخر بقدراته البشرية في هذا المضمار بخاصة البراعة والتحمل والشجاعة التي اظهرتها الأردنيات العاملات في إزالة الألغام".كما اشادت بقدرات وإمكانات الهيئة الوطنية لإزالة الألغام وإعادة التأهيل كمثال يحتذى به في المنطقة كافة.
وتحدث في الحفل كمال السعدي أحد مصابي الألغام عن تجربته نيابة عن المصابين مستعرضا الصعاب والتحديات التي تواجه المصابين في خوض غمار حياتهم.وقال "البعض منا كانوا صغارا جدا، مجرد أطفال، وآخرون كانوا كبارا، أمهات وآباء، زوجات وأزواجا، جنودا ومزيلي ألغام، يحملون مسؤوليات جمة عندما تسببت الألغام الأرضية بدمار عظيم وكارثة مفجعة لحياة كل منا؛ نحن، ضحايا الألغام".واضاف "رأيت تلك الطاقة في عيون الكثير من زملائي الأردنيين الناجين من الألغام، الذين يعملون يدا بيد، ويعتنون ببعضهم البعض، ويتفهم احدهم الآخر دون أن ينطق بكلمة، وذلك وبكل بساطة لأننا مررنا بتجربة الانفجار ذاتها، وسرنا على نفس الدرب نحو الشفاء؛ فنجا البعض منا وتعدى الصعاب، والبعض الآخر لم يتمكن.واشار الى الصعوبات الاقتصادية التي تواجه المصابين بالألغام الذين يعملون إما في الأراضي الزراعية، أو يقطنون في أماكن نائية، الأمر الذي يفرض واقعا أليما وصعبا للعيش بإعاقة جسدية أو بفقدان الأطراف وذلك ليس على الناجي وحده، بل على العائلة جمعاء، الكل يعاني.وبين ان الأردن عندما وقع على معاهدة "أتاوا" العام 1998، كان بالنسبة للناجين انجازا مهما "شعرنا كما لو أن صرخاتنا الخفية قد استجيب لها، وكانت دفعة كبيرة إلى الأمام. تجددت الحياة والطاقة فينا وقام العديد منا بالانضمام إلى حملة حظر الأسلحة الدنيئة هذه. وأدركنا مسؤوليتنا في مشاركة العالم بتجربتنا، وأن نقدم ذلك في سبيل أمن بلدنا الحبيب، وأمن أطفالنا".

وخلال الحفل الذي عرض فيه فيلم وثائقي يبين الجهود التي بذلتها الهيئة في مكافحة وإزالة الالغام تحدث الوكيل يوسف مهيدات من سلاح الهندسة الملكي ووعد الحوري السرحان من الجمعية النرويجية للمساعدات الشعبية عن تجربتها في إزالة الإلغام.وقال المهيدات منذ دخلت بها حقل الألغام امتزجت المشاعر بين القلق والاهتمام والمتعة لأن المهمة كانت إزالة الألغام لا زراعتها على نقيض من مهام كثير من جيوش العالم، فهي تجربة تبقى في الذاكرة حتى نهاية الحياة.وبين أن التجربة الأولى امتزجت بها مشاعر القلق والخوف والسعادة والاهتمام ، ومع الخطوة الأولى داخل الحقل أصبحت لا اسمع إلا همسات ذاكرتي تعيد كل التعليمات والإرشادات الخاصة بإزالة الألغام، حينها شددت بقبضتي على كاشفة الألغام، باحثاً بكل هدوء وروية.وقال إن الألغام لا تحترم الكبير ولا الصغير ، لا تفرق بين المدني والعسكري، وتدمر الإنسان والحيوان، وتفقر الأرض التي كانت خصبة بالثمار والورود، هذا هو العدو فلا يمكن ان تقبل العدو.

اما وعد السرحان فأشارت الى انه "في كل صباح تكررت اللقاءات مع تلك الألغام المزروعة على ارضنا، واجهنا فيها كافة أنواع الألغام المضادة للأفراد والمضادة للدبابات، الموجودة في عمق الأرض او على سطحها، او تلك الغارقة بالصدأ والأتربة وتلك التي زرعت على الأرض التي كانت ستكون لولاها منزلاً او مزرعة او مصنعاً او مدرسة او أي شيء نافع لمن يقطن حولها.وعبرت عن شعورها بالفخر لإنجاز المهمة، وقالت "تملؤني السعادة بأن الأردن وصل إلى بر الأمان بعيداً عن شر هذه الألغام التي كانت موجهة الى اهلنا وخير بلدنا".
وحضر الحفل عدد من أصحاب السمو الأمراء، وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين والسفراء وممثلي الجهات الدولية المانحة والداعمة شركاء الهيئة الوطنية لإزالة الألغام وإعادة التأهيل.
يشار الى ان برنامج إزالة الألغام لأغراض إنسانية انطلق العام 1993 بجهود كوادر سلاح الهندسة الملكي ودمر مخزون الأردن البالغ 93 ألف لغم العام 2003 ، وتابع البرنامج اعماله في اعقاب تأسيس الهيئة الوطنية لإزالة الألغام والتأهيل التي عملت ضمن استراتيجية لهذه الغاية مع الهيئات الدولية والجهات المانحة على تسريع وتيرة الإزالة التي تكللت اليوم بإعلان الاردن خاليا من حقول الألغام.
وكان وصل الى عمان أمس ولي عهد مملكة النرويج الأمير هاكون ماغنوس في زيارة رسمية للمملكة تستمر عدة ايام.وكان في استقباله في مطار الملكة علياء الدولي سمو الأمير مرعد بن رعد حيث حيت سموهما ثلة من حرس الشرف.كما كان في الاستقبال امين عام وزارة الخارجية محمد الظاهر ومدير المكتب العسكري لجلالة الملك العميد الركن انور العياصرة ومدير دائرة المراسم في وزارة الخارجية السفير احمد المفلح وسفير مملكة النرويج في عمان وأركان السفارة.